كتب نهى الشعراوى
عُقد اليوم الإجتماع الإفتراضي الطارئ للمجلس الوزاري لمنظمة تنمية المرأة بالدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاسلامي والذي دعت له جمهورية مصر العربية لمناقشة وضع المرأة الفلسطينية والعدوان الاسرائيلي علي قطاع غزة.
وجاء الاجتماع برئاسة الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس الوزاري لمنظمة تنمية المرأة بالدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاسلامي ورئيسة المجلس القومي للمرأة ، وبحضور السفير خالد البقلي مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية والإنسانية الدولية ، والسفير محمد منير نائب مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية والانسانية الدولية، والسفير إيهاب فوزي نائب المديرة التنفيذية لمنظمة تنمية المرأة وبمشاركة الوزراء والوزيرات ممثلي منظمة تنمية المرأة بالدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاسلامي.
وجاء نص كلمة دكتورة مايا مرسي كالتالي :
معالى الوزيرات والوزراء..
السيدات والسادة ..الحضور الكريم..
نَلتقِي اليوم في هذا الاجتماع الوزاري الطارئ .. فى ظل عدوان غاشم علي المدنيين الفلسطينيين العُزَل في قطاع غزة منذ أكثر من سبعين يومًا .
وفي ظل مساعي حثيثة للتوصل إلي وقف إطلاق النار من أجل حقن الدماء.. والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية لمساندة الشقيقة الغالية فلسطين (عضوة المنظمة) علي مواجهة مأساة إنسانية غير مسبوقة بسبب هذا العدوان الغاشم .
إن حجم الكارثة الإنسانية التى تضرب الشعب الفلسطيني يفوق التصور؛ وهو الأمر الذي دعا عدد من المسئولين لوصف الدمار الذي تشهده غزة حالياً بأنه "كارثي ومروع"، بل واعُتِبر بأنه "جحيمًا علي الأرض"!
فوفقاً لتقدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في 11 ديسمبر الجاري ، فقد قٌتِل ما يزيد عن 18 ألف شخص .. وجٌرِح أكثر من 49 ألف آخرين؛ فضلاً عن تدمير حوالي 52 ألف منزل في غزة بما يعادل (أكثر من 60% من الوحدات السكنية في القطاع) .
كما تضررت 339 منشأة مدرسية، فضلاً عن 104 مسجدًا و3 كنائس.. كما أصبحت 26 مستشفى و56 مركزًا صحيًا خارج الخدمة؛ وذلك كله بسبب عدوان إسرائيلي وحشي ما زال مستمرًا؛ رغم كافة الدعوات الدولية؛ وعلي رأسها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة؛ لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ورغم مطالبة الجمعية العامة بذلك يوم 12 ديسمبر2023.
والمؤسف أيضًا أن موظفو الأمم المتحدة لم يسلموا من الاستهداف، فوفقًا لذات التقرير، فقد فقد 135 موظف منهم حياته.
كما قُتِل 81 صحفيًا، و32 عاملاً بالحماية المدنية خلال قيامه بواجبه.
وأكثر ما يُؤلمُنِي أن النساء قد دَفعّن، مرة أخري، الثمن الأكبر خلال هذا الاعتداء الإسـرائيلي الدامي.. حيث قَدَرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة-في 5 ديسمبر الجاري- مقتل نحو 12ألف امرأة وطفل؛ منذ 7 أكتوبر2023؛ وتَرمَلت حوالي 2700 سيدة، وفقد نحو 10 آلاف طفل وطفلة والديّهم.. كما تم التهجير القسري لنحو 5ر951 ألف سيدة وفتاة من منازلهن إجمالاً .
وأشارت "الأونوروا" إلي نزوح نحو 9ر1 مليون شخص في غزة داخليًا بنسبة 85% من سكان القطاع.. فضلاً عن استمرار وجود أكثر من 55 ألف سيدة حامل في القطاع.. بينما تعاني المستشفيات من عمليات قصف مستمرة؛ بما يخرجها عملياً من الخدمة، وبالتالي تعجز عن تقديم الرعاية الصحية الضرورية للمصابين والمرضي.
وبالفعل، لا تتوافر لدي النساء فى غزة التغذية الملاءمة أو خدمات الرعاية الصحية، أو حتي المستلزمات الصحية الأساسية اللازمة، مما يؤثر بشكل خاص علي الأمهات والأطفال حديثي الولادة.
كما تعاني النساء من عدم إمكانية النفاذ لخدمات الولادة الطارئة، حيث أشارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلي وجود قُرابَة 180 حالة ولادة يومياً بدون الدعم الطبي اللازم.. وبعض النساء الحوامل يَلِدن في الملاجئ، أو المنازل، أو الشوارع.
وحتي بالنسبة لمن يتمكن من النفاذ لبعض المرافق الصحية المتبقية، يُعانِين من غياب الظروف الصحية المناسبة في تلك المرافق، بما يعرضهن لمخاطر العدوي والمضاعفات الطبية، وكل ذلك نتيجة الاستهداف الغاشم للمستشفيات، ومرافق البنية التحتية للقطاع.
لقد عانت المرأة الفلسطينية طويلاً..ومازالت تعانى من وحشية وعنف الاحتلال.. في انتهاك صارخ لـلـقانون الـدولي لـحـقوق الإنـــســان .. والقانون الـدولـي الإنــسـاني؛ ولــذا تــدعم مــصـر مــطـالبـة هـيـئـة الأمـم الـمـتـحدة للـمرأة بـالـتـحقـيـق وضـمان الـمـحـاسـبـة فـي هذا الخصوص.
السيدات والسادة..الحضور الكريم
لقد اتخذنا قراراً حاسماً منذ اندلاع الأزمة، بأن نصبح في طليعة المساندين للأشقاء والشقيقات في فلسطين، فمصر-كما عبر فخامة السيد رئيس الجمهورية-قد كُتِب تاريخ كفاحها مقرونًا بالتضحيات من أجل القضية الفلسطينية.. وامتزج الدم المصري بنظيره الفلسطيني علي مدار سبعة عقود .
وقد كان حكم التاريخ والجغرافيا، أن تظل مصر هى الأساس، فى دعم نضال الشعب الفلسطينى الشقيق.. حيث استضافت القاهرة أول قمة بمشاركة دولية وإقليمية واسعة من أجل إقرار دعم دولي بضرورة وقف هذا العدوان الإسرائيلي، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
كما كانت مشاركة مصر في القمة العربية الإسلامية الأخيرة فعالة وحيوية حيث اتسقت مخرجاتها مع الموقف المصري.
وقد كثفت القيادة السياسية من اتصالاتها رفيعة المستوي مع القادة والمسئولين الإقليميين والدوليين.
وشرفت أن أكون صوت المرأة العربية والمراة المسلمة فى العالم الإسلامي فى المؤتمر الدولي للمرأة في الاسلام بعنوان "المكانة والتمكين" والذى عقد بجدة بالمملكة العربية السعودية الشهر الماضي.
كذلك كان القرار المصري باستمرار فتح معبر رفح البري، لتتدفق المساعدات الغذائية والطبية والوقود، واستقبال الجرحى والمصابين؛ على الرغم من ضراوة وشدة القتال؛ نابعاً من إيماننا بحقوق الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، واسهاماً في تخفيف المعاناة التي يشهدها الأشقاء الفلسطينيون.
إن دولنا الإسلامية تواجه أزمة جسيمة حاليًا في ظل مرور القضية الفلسطينية بمنحني شديد الخطورة والحساسية، وفي ظل تصعيد إسرائيلي غير انسانى .. اتخذ منهج العقاب الجماعي.. والتهجير القسري .. وارتكب المجازر كوسيلةً لفرض أمر واقع جديد.
و لقد عانت المرأة الفلسطينية خلال تلك الأزمة من انتهاك لأبسط حقوق الإنسان وعلي رأسها الحق في الحياة، وقد عبرت مصر في كافة اتصالاتها مع مختلف الأطراف الدولية أن الانتهاكات الإسرائيلية تجاه المدنيين الفلسطينيين؛ لا سيما النساء والأطفال، ترقي لكونها جرائم حرب مكتملة الأركان.
لذلك، يدعو وفد مصر هذا الاجتماع للنظر والموافقة علي ما يلي:
أولا: المطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، ووقف التهجير القسري.. والمطالبة أيضًا بتسهيل إسرائيل-قوة الاحتلال-لسرعة إدخال المساعدات الإنسانية الكافية والمستمرة للتخفيف من آثار الكارثة الإنسانية الحالية، ودون معوقات من اجل الانسانية.
ثانيا: مطالبة الأمم المتحدة ومؤسساتها بحماية حقوق النساء والأطفال الفلسطينيين؛ وفقًا لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني.
ثالثا: تقديم منظمة تنمية المرأة كافة صور المساندة الممكنة لدعم صمود المرأة الفلسطينية؛ ورصد وتوثيق انتهاكات حقوق الانسان في الاراضى الفلسطينية المحتلة بصورة مستمرة .. والتركيز على الجرائم الواقعة بقطاع غزة بحق المدنيين خاصة "المرأة والاطفال".
رابعا: قيام المنظمة بمخاطبة كافة المنظمات النسائية حول العالم ولجان حقوق المرأة والطفل .. وحقوق الانسان بمجلس حقوق الإنسان لضبط الوضع الحالي للمرأة الفلسطينية.. وتشكيل قوة ضغط علي المجتمع الدولي من أجل التوصل إلي وقف فوري لإطلاق النار .
خامسا: التنسيق مع آليات منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها لضمان ادماج احتياجات المرأة الفلسطينية.
سادسا: ضمان الإشارة إلي الانتهاكات الصارخة ضد المرأة والأطفال فى قطاع غزة فى جميع فعاليات منظمة تنمية المرأة حتى يتم وقف إطلاق النار وينتهى الاحتلال .. حتى لا ننسى وحتى لا نعتاد المشهد .
نعيد ونكرر من جديد ..إن تصفية القضية الفلسطينية هي تصفية لحقوق الإنسان .. وحقوق الشعوب..
وتصفية للحق في الحياة..
وأرضنا لا نتركها .. أو ندفن فيها ..
ولا نريد غير السلام..
وفقنا الله جميعًا لخدمة قضايا المرأة بالدول العربية والإسلامية.